إنني من أكثر المشجعين للعلم، ومن المعجبين بالعباقرة من العلماء، لذا فأنا أؤيد عمل العلماء في الماضي والحاضر، وآمل أن يقوم المزيد من العلماء بأعمال أكثر امتيازاً من خلال مجموعة متزايدة من الاكتشافات في المستقبل. إنني كذلك أقدر العلم الخالص والعلوم التطبيقية. ولا أجد اختراقات علمية مثيرة للقلق، بل على العكس. إنني أستمتع بشعور استيعاب معرفة جديدة وضمها إلى مخزوني من المعرفة.
ومن أكثر الأمور التي أفهمها عن العلوم هو أن العلماء يعرفون اقل بكثير مما نؤمن به نحن الناس العاديين في بعض الأحيان. وأشك أن هناك مجالاً علمياً واحداً، حيث يعرف البشر حتى نصف ما يجب معرفته. وفي العديد من المجالات، أشك في أن البشر يعرفون حتى عُشر أو 1? أو 1? من كل ما يمكن معرفته.
اتساع المعرفة غير المكتشفة يعطي كل جيل سعادة جديدة بجهل الأجيال السابقة. ولنا أن نتعجب: كم كانوا حمقى لقياس حجم الجمجمة كوسيلة للتنبؤ بالشخصية، وكم كانوا بدائيين في اعتقادهم أن الإجهاد يسبب القرحة، وكيف لم يروا أن الديناصورات أبناء عمومة الدجاج؟ إن نفس هذا الاتساع، بلا شك، سيجعل هذا العصر يبدو أحمق بالنسبة لجيل أكثر استنارة يوما ما.
إنني ألق باللوم على صحفيين أمثالي لأنهم يجعلون العلم يبدو قادراً على كل شيء. هذا لأن التعلم يزداد بشكل تدريجي، لذا فنحن نتعامل مع كل اكتشاف علمي باعتباره إنجازاً، أو على شفا أن يكون إنجازاً، أو (في أسوأ الأحوال) على بعد خطوة واحدة من تحقيق نجاح كبير. دائماً ما يتم فك غموض الألغاز في صورة الصحافة العلمية. لغز الانفجار الكوني أو لغز الذكاء الاصطناعي أو السرطان وما إلى ذلك.
ومع ذلك فإن كل باب يتم فتحه يكشف عن المزيد من الأبواب التي تضم مزيداً من الألغاز التي تنتظر الحل.
وهذا أمر رائع إذا كنت تحب العلم. فهناك الكثير لتتعلمه! ويكون عمق وتعقد المجهول أمراً رائعاً، ولكن فقط بالنسبة للشخص الذي يسعد بقراءة القصص المثيرة صفحة صفحة. أما بالنسبة لهؤلاء الذين يفضلون القفز إلى آخر الفقرات لمعرفة نهاية القصة، قد يكون المجهول مؤلماً.
وكان الناس عبر العصور يتوقون إلى معرفة كيف ستنتهي قصة البشرية. وتعتبر ملحمتنا بدءاً من «الاسترالوبيثكس» أو القردة الجنوبية (جنس من أشباه البشر) إلى «أبوكاليبس» (أقوى متحول وأكبر شرير) هي كتاب لا يمكن لأحد أن يقرأه طوال الطريق. وكل واحد منا مُقدر له أن يغادر في منتصف الدراما كما كان الحال مع من سبقونا، وهذه المغادرة هي جزء صغير مطوي من صفحات الكتاب.
إننا نسخر من جهل آبائنا الذين بحثوا في المذنبات عن نُذر النهاية. ولكن ما مدى اختلافنا؟ أليس من الممكن أن يثبت عصرنا أنه مسحور للغاية بتوقعات تغير المناخ في نهاية العالم، في أسوأ الأحوال؟
هذه حالة كلاسيكية للعلم الجزئي الذي يغذي رؤى نهاية العالم. وقد فسر العلم المشكلة: هناك غازات معينة في الغلاف الجوي تحبس الحرارة على سطح الأرض. ووجود المزيد من تلك الغازات سيحبس قدراً أكبر من الحرارة، فتنطلق سلسلة من الآثار غير المتوقعة. وكما هو الحال دائماً مع العلم، فإن المعرفة غير المكتشفة تظهر المزيد من الألغاز التي يجب استكشافها. كيف سيكون رد فعل مناخ الأرض المعقد، وما مدى سرعته؟ وكيف سيكون رد فعل الأنواع الأكثر إبداعاً وأكثر قابلية للتكيف، أي البشر، للتكيف مع النتيجة؟
إن تحدي التغير المناخي يتطلب استجابة عاجلة وليست تنبؤية. على سبيل المثال، أصبح من الشائع في بعض الدوائر أن يقول الناس إنهم لن ينجبوا أطفالاً بسبب الجحيم الوشيك بسبب الجفاف والحرائق والفيضانات والعواصف التي ستدمر الحياة في المستقبل. فما مدى شيوع ذلك؟ لقد قدمت عضوة في الكونجرس تأييداً. وقالت النائبة «ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز» (ديمقراطية –نيويورك) «أساساً، هناك إجماع علمي على أن حياة الأطفال ستكون صعبة للغاية. وأعتقد أن هذا سيجعل الشباب يطرحون سؤالاً مشروعاً: هل من المقبول أن تنجب أطفالاً؟»
هذه ليست لغة العلم. هذا الإجماع «القاتم» ليس له ادعاء علمي. وبدلاً من ذلك، ومع وجود الكثير مما يجب تعلمه وأداة العلم القوية، يجب أن يكون التفاؤل هو الاتجاه الجدير السائد في المستقبل.
*كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»